يستثمر هذا المشروع مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة في التعريف بالإسلام، وتصحيح ما ينسب إليه مما ليس منه سواء أكان جهلا أو تجاهلا، ويذكر بإسهاماته في تشييد صرح الحضارة الإنسانية، والرفع من مستوى رفاهية الإنسان، وصون كرامته، وحفظ حقوقه، وتمتين جسور تعاونه وتفاهمه، ويستهدف تعزيز آداب الاختلاف، وتشجيع الحوار بين الأديان والحضارات والثقافات لخدمة قضايا التعاون والتفاهم والتعايش السلمي بين مختلف الأمم والشعوب والدول، ويدعو المشروع إلى تجريم المسيئين للأديان السماوية والمقدّسات الروحية، سالكا مسلك المجادلة بالتي هي أحسن، ونابذا الجهر بالسوء من القول والفعل، منطلقا من ارتكاز الحضارة الإنسانية على سنن التدافع والتنوع واختلاف الألوان والأشكال واللغات والتقاليد، التي هي مناط بقائها وحكمة الله فيها انسجاماً مع فطرة الله التي فطر الناس عليها، يقول تبارك وتعالي: (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة)(النحل/93)، داعياً إلى نبذ التنازع ارتكازاً على وحدة الأصل البشري (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم) (الحجرات/13).
ويتناول المشروع في بعض فروعه، إشكالية حدود الحريات وصون الخصوصيات في عالم التوسع الهائل في نشر المعلومات، وقد دعت إلى التفكير فيه الهجمات الشرسة المتواصلة على الإسلام والمسلمين في الدول الاسكندنافية (الرسومات المشينة) وأوربا (محاضرات البابا بنيدكت السادس عشر) وأمريكا (حملات الكراهية في بعض الجامعات) وغيرها كثير في تصريحات رجالات السياسة وفي السينما ووسائل الإعلام في بعض البلدان الغربية، مدفوعة بدوافع مختلفة منها ما يلي:
- التخويف من الإسلام والمسلمين في برامج الجامعات ومؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي وهو مشروع مكاتب الدراسات الاستراتيجية المعادية
- اختراق المسلمين للتشكيك في عقيدتهم وتنصيرهم.
- إغفال الدور الحضاري للإسلام وثقافته في البناء الحضاري الإنساني، واتهامه بمجافاته للعقل والعلم ومكارم الأخلاق.
- إشعال نار الصراعات القيمية بين الحضارات والثقافات (نظرية هنتنغتون – فوكاياما).
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المشاريع والمخططات لا تزال قائمة ولم تغير من حدتها الجهود المبذولة في منتديات الحوار الديني بين رجال الدين المسيحي من جهة وبين علماء الإسلام من جهة ثانية، وتكفي الإشارة هنا إلى رفض ممثلي المجلس البابوي للحوار بين الأديان ومجلس الكنائس العالمي التوقيع على البيان الختامي الذي يصف الإسلام بدين سماوي في مؤتمر الحوار بين الديانات السماوية عام 2001 بمصر.
وقد لخص المستشرق الفرنسي جاك بيرك في محاضرة له في 27 -6- 1995 موقف الغرب من الإسلام عند قوله: “إن الإ سلام هو آخر الديانات السماوية الثلاث ويدين به أكثر من مليار نسمة في العالم، وقريب من الغرب جغرافيا وتاريخيا، وحتى من ناحية القيم والمفاهيم …ويظل حتى هذه الساعة بالنسبة للغرب ابن العم المجهول، والأخ المرفوض … والمنكور الأبدي … والمبعد الأبدي.. والمتهم الأبدي .. والمشتبه فيه الأبدي”.
وبقدر ما يدعونا ديننا إلى التسامح والتعايش الإيجابي بين البشر والتكامل بين الحضارات والثقافات، نجد من يرى تصادم هذه الحضارات قاعدة راسخة، وقد رسخت هذه الحملات في نفوس بعض الجماهير الغربية الخوف من الإسلام والمسلمين “الإسلاموفوبيا” مما ساعد على الاستمرار في الظلم والعدوان على الإسلام والمسلمين في أكثر من موقع في مختلف أنحاء العالم
ولم تتوقف هذه الحملات، بل نجدها تتصاعد وتتلون ويتبادل القائمون عليها الأدوار، فلا تكاد تخمد نار إساءة من جهة ما، حتّى تمتد ألسنة لهيب نار إساءة جديدة وقودها الإعلام والسياسة وغيرها من الواجهات الأخرى، ويمكن تصنيفها في المواقع التالية:
- حملات أكاديمية (محاضرة البابا بنيدكت السادس عشر).
- حملات فنية وأدبية (الرسوم الدانماركية المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، وأعمال سلمان رشدي، وميشيل كولبيك، وتسليمة نسري، وأوريانا فيلاشي، وغيرهم ).
- حملات إعلامية (تنظيم أسبوع الوعي بالفاشية الإسلامية في الجامعات الأمريكية وإعادة نشر الرسوم المسيئة في الصحف، وفي غير ذلك من الوسائل السمعية البصرية).
- حملات تعليمية (في مناهج التعليم ببعض الدول الغربية).
وبناءً على ذلك، نقترح مشروع عمل جامعي يرتكز على أربعة برامج هي:
المحاور
- تفنيد نتائج البحوث الواردة في الكتب المنشورة والمحاضرات التي تسيء إلى الإسلام والمسلمين، بطريقة علمية ونشرها باللغات التي نشر بها البحث المسيء وغيرها من اللغات الحية.
- عقد ندوات وإصدار دراسات حول حوار الأديان إرساءً لقيم الاحترام بين ممثلي الديانات السماوية.
- استثمار مقاصد الشريعة الإسلامية في بحوث علمية ومناهج رصينة محكمة لإظهار الصورة المشرقة للإسلام والمسلمين ونشرها باللغات الحية.
- تخصيص أعداد من مجلة (الجامعة) لتصحيح الصور النمطية المسيئة للإسلام.
- إنشاء كراسي و تنظيم محاضرات في الجامعات الغربية في موضوع: “إسهام الإسلام في الحضارة الإنسانية وحضانته للقيم الإنسانية والتربية الدولية”.
- ترجمة مناظرات منتقاة بعناية بين علماء من المسلمين والمسيحيين قديماً وحديثاً.
المحاور
- توعية الرأي العام العالمي بأهمية الاحترام والتسامح بين المجتمعات الإنسانية عن طريق الشعر والفن التشكيلي.
- تأليف مسرحيات من مستوى رفيع، تعكس محنة البشرية في ظل القيم العنصرية، وتمثيلها على خشبات المسارح في كبريات المدن الغربية.
- إنجاز لوحات فنية تشكيلية تخاطب العقل الغربي بمنطق الجمال الفني وتدعوه إلى الإنصاف والعدل والتعايش السلمي.
- تنظيم معارض فنية للتوعية بخدمة الإسلام للإنسانية وحضارتها.
- اقتراح مشاريع قانونية على المؤسسات المختصة لتجريم الإساءة للأديان السماوية.
المحاور
- نشر مقالات في أوسع الصحف الغربية انتشاراً لتبرئة المسلمين مما ينسب إليهم من طرف مجموعات متطرفة، حاملة لأيديولوجية متزمتة مثيرة للفتن ومضرة بالسلام العالمي وبالحضارة الإنسانية، وتعميم الكتابات الغربية المنصفة للإسلام.
- إنتاج برنامج إعلامي تلفزي يعالج القضايا والمشكلات المعاصرة، كمشكل البيئة، حقوق الإنسان، الأمية، الفقر، الحوار، الصحة، العولمة من وجهة نظر إسلامية.
- إخراج أفلام توثيقية لانتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين والعراق وفي كثير من بقاع العالم، ناطقة باللغات الحية وعرضها في دور السينما وعلى شاشات التلفزيون على أوسع نطاق ممكن
- توثيق جرائم الحرب المؤثرة في المقتنيات الأثرية والمعالم الحضارية وبرامج وموارد الجامعات ومراكز البحث